..وبعد موت الكثيرين متأثرين به
البرد الشديد قد يسبب صدمة عصبية تؤدي إلي الوفاة
تحقيق: أحمد فرغلي
لقي العديد من الأشخاص حتفهم موتا من جراء الموجات الباردة التي تعرضت لها البلاد فمنهم من مات بعد أن تجمدت الدماء في عروقه, ومنهم من مات علي أثر صدمة عصبية بسبب البرد, وهناك من لقي حتفه بسبب الحوادث التي نتجت عن حالة الارتباك في الطرق بسبب الأمطار الشديدة.
ومازال المسئولون بهيئة الأرصاد الجوية يعلنون يوميا بأن الطقس شتاء طبيعي ولا توجد تغييرات مناخية مقلقة..
الأمر الذي يدعونا إلي التساؤل حول مخاطر هذا الطقس شديد القسوة وهل فعلا من الممكن أن يتعرض شخص للموت جراء البرد الشديد.
وتبدو محافظات شمال الصعيد ـ أسيوط والمنيا وبني سويف, وكذلك الدلتا وسيناء هي الأكثر عرضة لموجة البرد الشديدة جدا أحد المواطنين وجدوه في قرية ديروط الشريف التابعة لمحافظة أسيوط ميتا بسبب البرد وقد لوحظ علي حسب قول د.محمد فوزي أحمد أن الدماء تجمدت في عروقه وربما كان يعاني من بعض الأمراض مما جعل البرد الشديد يزيد من خطورة حالته.. ليس هذا فقط فقد تكررت نفس الحالة في محافظة سوهاج وفي سيناء ـ شمالها وجنوبها ـ لم يتمكن المواطنون من انجاز أعمالهم كل هذا فضلا عن هلاك المحاصيل الزراعية مثل الطماطم والبرسيم والقمح والخضراوات وهو الأمر الذي ينذر بشح هذه المحاصيل في الفترات المقبلة.. كل ذلك والمسئولون بهيئة الأرصاد الجوية يعلنون يوميا مرارا وتكرارا أن الأمور طبيعية وأن هذه الموجة الباردة لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في الأعوام السابقة.. ورغم أنني كررت السؤال علي مسامع أكثر من مسئول بهيئة الأرصاد الجوية بدءا بالسيد مجدي أحمد عباس رئيس مجلس الإدارة وكذلك مسئول الرصد والتحليل إلا أن الجميع أكد أن مصر تمر بطقس غير مستقر تكاثرت فيه السحب المنخفضة والمتوسطة علي أغلب أنحاء الجمهورية, وقد صاحب ذلك سقوط أمطار امتدت من القاهرة ومحافظات الصعيد وسيناء حتي سلاسل جبال البحر الأحمر ويعتبر هذا الطقس باردا نهارا شديد البرودة ليلا, وبرغم انحسار الأمطار إلا أن الطقس البارد جدا ربما يستمر في الأيام المقبلة. أحد المصادر بهيئة الأرصاد الجوية ـ رفض ذكر اسمه ـ أكد أن مصر تتعرض لموجة شديدة البرودة لم يسبق لها مثيل وأنها تفوق تلك الموجة التي تعرضت لها البلاد قبل سبعة أعوام, وبينما نفي أيضا المسئولون بهيئة الأرصاد الجوية وجود أي علاقة بين التغيرات المناخية وما تتعرض له مصر من برودة شديدة. وأكد محمود القيسوني خبير المناخ والبيئة أن مصر سوف تشهد ظواهر غير طبيعية خلال الفترات المقبلة, وأكد كلامه بأن هناك طبقات ثلج غطت مناطق كبيرة في مصر وهو ما ظهر واضحا في ارتفاعات الثلوج عشرة سنتيمترات, وأضاف أن هذا الجو القارس سوف يقابله جو شديد الحرارة في الصيف المقبل يعقبه أيضا شتاء شديد البرودة في العام المقبل, ومن المتوقع أن تتحول البرودة الشديدة والأمطار إلي سيول في بعض المناطق الجنوبية, وأضاف القيسوني أن مصر بدأت تسجل درجات حرارة رسمية بمعدلات السالب علي حسب إعلان الطقس وهو ما يؤكد ظاهرة التقلب المناخي مثلها مثل السعودية ولبنان والإمارات.
وفي دراسة مهمة رصد مجموعة من الباحثين بهيئة الأرصاد الجوية زيادة معدلات الشبورة ومن المتوقع أن تزيد أكثر حتي عام2012 م نتيجة لوجود تغيير مناخي حضري شهدته مصر خلال الفترة من1973 م حتي عام2002 م, وقد زادت ظاهرة الأتربة العالقة في المناطق الصناعية مثل العاشر من رمضان وبلبيس وغيرهما.
ورغم أن الهدف الرئيسي الذي أنشئت من أجله هيئة الأرصاد الجوية وهو أن تكون معنية بمراقبة التغييرات التي تحدث بالغلاف الجوي ومن ثم تقديم كل الخدمات والمعلومات الخاصة بالأرصاد الجوية لقطاعات الدولة المختلفة بالتنسيق مع المنظمة العالمية للأرصادWMO وبرغم أننا نملك تاريخا عريقا في نشاط الرصد الجوي حيث بدأت مصر عام1829 م في قياس درجات الحرارة خمس مرات يوميا ومن بعدها انشئت إدارة الأرصاد الجوية في عام1900 م, ومع أننا نمتلك خبرات علمية متقدمة جدا فإن المعلومات دائما والبيانات المناخية غير متاحة باستثناء درجات الحرارة المعلنة.
طرحت سؤالا مهما علي مسامع الدكتور محمد عوض تاج الدين أستاذ الأمراض الصدرية ووزير الصحة السابق.. هل من الممكن أن يموت شخص من جراء تعرضه للبرد الشديد؟!
أجابني الدكتور عوض تاج الدين بأن ذلك يحدث علميا في أماكن كثيرة وأن الذين ماتوا من البرد ربما يكونون قد تعرضوا إلي صدمات عصبية, وهنا يجب أن نعرف جيدا كما أن الحر الشديد يؤدي إلي الوفاة ـ مثل ضربات الشمس ـ فإن البرد الشديد يؤدي إلي الوفاة أيضا والذي يحدث علميا أن الشخص الذي يتعرض لبرد شديد جدا ربما يحدث له هبوط حاد في الدورة الدموية وهذا الهبوط إذا لم يتم تداركه ربما يؤدي إلي الوفاة, وفي بعض حالات البرد الشديد جدا يمكن أن يحدث عدم وصول الدم إلي الأطراف, وذلك لدي كبار السن والأطفال الصغار جدا وهم مانسميهم بسن أطراف العمر, وهذا يتكرر جدا في أوروبا وفي مناطق الثلوج ولذلك ينصح هنا بعدم الانتقال من جو ساخن جدا إلي بارد والعكس, هناك أيضا بعض الأشخاص يعانون من الأمراض المزمنة مثل مرضي الانسداد الشعبي الهوائي المزمن وكذلك الانفيزيما أو الربو الشعبي وهؤلاء بمجرد تعرضهم لجو شديد البرودة يمكن أن يتعرضوا إلي الخطر ومن الممكن أن تحدث لهم صدمات عصبية ولذلك فقد لوحظ أن كل البلدان التي تعاني من شتاء بارد ومنها مصر يتزايد فيها المصابون بالأمراض الصدرية المزمنة وبالأخص نزلات البرد الشعبية الحادة وقد يصل الأمر إلي حد القصور في القيام بوظائف التنفس.
جريدة الاهرام