Bossy M. Zein مشرف القسم الطبي
عدد الرسائل : 746 العمر : 40 الاقامــــــه : مصر تاريخ التسجيل : 30/06/2007
| موضوع: من أسرار القران الإثنين فبراير 11, 2008 9:06 pm | |
| من أسرار القرآن بقلم- : د. زغلـول النجـار: 256ـ ب فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم* تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يري إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين* * الأحقاف:24 و25* | |
هاتان الآيتان الكريمتان جاءتا في أوائل الثلث الأخير من سورة الأحقاف, وهي سورة مكية, وآياتها خمس وثلاثون(35) بعد البسملة. وقد سبق لنا استعراض هذه السورة الكريمة, ونوجز هنا ركائز العقيدة التي أوردتها, والإشارات العلمية والتاريخية التي استشهدت بها, وومضة الإعجاز العلمي والتاريخي في الآيتين(24),(25) من هذه السورة المباركة واللتين اتخذناهما عنوانا لهذا المقال, وذلك في السطور القليلة التالية:
من ركائز العقيدة في سورة الأحقاف 1 ـ الإيمان بالله ـ تعالي ـ وبملائكته وكتبه ورسله, وباليوم الآخر, وبما فيه من بعث وحشر وحساب وجزاء, وجنة ونار, واليقين بوحدانيته المطلقة ـ سبحانه وتعالي ـ فوق جميع خلقه( بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة ولا ولد) وتنزيهه عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لا يليق بجلاله, وإثبات ما أثبت لذاته, من الأسماء الحسني والصفات العليا, ومنها أنه رب العالمين, العزيز الحكيم, الغفور الرحيم, الشهيد العليم, الهادي المجير, المحي المميت, والقادر علي كل شئ.
2 ـ التصديق بأن القرآن الكريم هو كتاب منزل من لدن رب العالمين علي قلب خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ بلسان عربي مبين, هداية لأهل الأرض أجمعين, وأن هذا الكتاب العزيز جاء مصدقا للذي بين يديه, ونذيرا للذين ظلموا, وبشري للمحسنين, وأن هذا الرسول الخاتم يلتزم بما يوحي إليه من ربه ولا يحيد عنه.
3 ـ التسليم بحقيقة الخلق, وبأن الله ـ تعالي ـ هو خالق كل شئ ومن ذلك خلق السماوات والأرض بالحق ـ أي حسب سنن وقوانين ثابتة, وإلي أجل مسمي, بما في ذلك من تأكيد علي حتمية الآخرة.
4 ـ التصديق بالبشارات العديدة بمقدم خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ـ في كتب الأولين, علي الرغم من ضياع أصولها, وتحريف ما بقي عن بعضها من ذكريات, والإيمان بأنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ هو النذير المبين الخاتم من لدن رب العالمين, فليس من بعده من نبي ولا رسول.
5 ـ اليقين بأن الذين آمنوا بالله ـ تعالي ـ واستقاموا علي هديه سوف تهون عليهم شدائد الآخرة, وسوف يتجاوز الله ـ تعالي ـ عن سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم, خالدين فيها خلودا أبديا.
6 ـ الإيمان بأن بر الوالدين والإحسان إليهما هو من صميم الدين, ومن أوامر رب العالمين إلي عباده أجمعين, وأن عقوقهما من الكبائر, ومن أسباب الخسران في الدنيا والآخرة.
7 ـ التسليم بأن من حقوق الله ـ تعالي ـ علي عباده: الإيمان به, والتوكل عليه, وشكر نعمه, والمداومة علي استغفاره, والمسارعة بالتوبة إليه عن الذنوب والخطايا, وإكثار الدعاء إليه بصلاح الأعمال, والأحوال, والذريات.
8 ـ التصديق بما أخبرنا الله ـ تعالي ـ عنه من عوالم الغيب, ومنهم الملائكة, وهم خلق من نور, مسخرون للطاعة وللعبادة الفطرية, ومن عوالم الغيب كذلك: الجن, وهم خلق من نار, مكلفون, مخيرون, ذوو إرادة حرة كالإنس, ومنهم المؤمنون كما أن منهم الكفار والمشركون. وأن مؤمنيهم قد صدقوا ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ وآمنوا بكل ما جاء به القرآن الكريم.
9 ـ اليقين بأن الاستكبار في الأرض بغير الحق, والفسوق فيها يستوجبان عذاب الهون( أي الهوان والذل) في الآخرة, وأن كل من لا يجيب داعي الله ـ تعالي ـ فليس بمعجز في الأرض, وليس له من دون الله أولياء.
10 ـ الإيمان بكل ما جاء به القرآن الكريم, ومنه قصص الأنبياء, وقد جاء منه في سورة الأحقاف قصة نبي الله هود ـ عليه السلام ـ مع قومه: قبيلة عاد الذين عبدوا الأوثان والأصنام, ورفضوا دعوة نبيهم بعبادة الله ـ تعالي ـ وحده, وأصروا علي كفرهم وشركهم فعاقبهم الله ـ تعالي ـ بـ( ريح فيها عذاب أليم).
11 ـ التسليم بأن الإنسان مسئول عن حواسه كلها, وفي مقدمتها السمع, والبصر, والفؤاد.
12 ـ التصديق بأن كلا من الجحود بآيات الله, والشرك به يمثلان الكفر به ـ سبحانه وتعالي ـ وأن جزاء الكافرين هو الخلود في نار جهنم, وجزاء المؤمنين هو الخلود في الجنة, وإنها لجنة أبدا, أو نار أبدا, وأنه لا يهلك إلا القوم الفاسقون.
من الإشارات العلمية والتاريخية في سورة الأحقاف 1 ـ وصف خلق السماوات والأرض وما بينهما بالحق وأجل مسمي, أي حسب عدد من القوانين والسنن الثابتة, وأن هذا الخلق له أجل محدد, والعلوم المكتسبة في مجال علم الفلك والفيزياء, الفلكية تؤكد ذلك وتدعمه.
2 ـ الإشارة إلي مركزية الأرض من الكون بالبينية الفاصلة للأرض عن السماوات, وهو ما لا يستطيع الإنسان إثباته.
3 ـ التأكيد علي وجود عدد من البشارات بمقدم رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في كتب الأولين, رغم ضياع أصولها, وتعرض ما بقي منها من ذكريات للتحريف والتبديل والتغيير, وعلي الرغم من ذلك كله فقد بقيت تلك البشارات صامدة إلي يومنا هذا, رغما عن أنوفهم, وإن حاولوا حذف بعضها أو تزييفه خاصة في الطبعات العربية.
4 ـ ذكر قصة إسلام أحد أحبار اليهود وهو( عبد الله بن سلام) رضي الله عنه ـ بناء علي ما جاء في بعض صحف اليهود من ذكر لاسم رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ووصفه ـ ووقائع التاريخ تؤكد ذلك وتدعمه.
5 ـ تحديد فترتي الحمل والفصال للوليد البشري بثلاثين شهرا في سورة الأحقاف, وتحديد فترة فصال الوليد في عامين كما جاء في الآية(14) من سورة لقمان وبذلك تكون أقصر مدة للحمل في أنثي الإنسان هي ستة شهور, وهو ما أثبته علم الأجنة البشرية مؤخرا.
6 ـ الإشارة إلي قوم عاد وإلي سكناهم في الأحقاف, وإلي نبيهم هود ـ عليه السلام ـ وإلي عصيانهم لدعوته, وإلي نزول عقاب الله ـ تعالي ـ بهم, وإلي وصف وسيلة ذلك العقاب: ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها.. والكشوف الأثرية الحديثة تؤكد ذلك كله.
7 ـ تقديم السمع علي الأبصار والأفئدة, وذكر السمع بالإفراد وذكر كل من الأبصار والأفئدة بالجمع, والبحوث الطبية الحديثة تؤكد أن السمع هو أول حاسة يستخدمها الجنين البشري, وهو لا يزال في بطن أمه, وأول ما يستخدم من حواسه بعد ميلاده مباشرة, بينما يتأخر استخدامه لبقية حواسه لفترات تطول وتقصر. كذلك فإنه علي الرغم من وجود الأذنين, ووجود مركزين للسمع بالمخ فوق موقعي الأذنين إلا أن الإنسان لا يسمع في اللحظة الواحدة إلا صوتا واحدا فقط, ومن هنا جاء ذكر السمع بالإفراد.
8 ـ الاستشهاد بخلق السماوات والأرض علي إمكانية البعث وعلي طلاقة القدرة الإلهية بلا حدود.
9 ـ الإشارة إلي طي الزمن لمن يموت, فلا يشعر به لحظة البعث إلا كساعة من نهار, مهما طال مداه, وهذا من رحمه الله ـ تعالي ـ بعباده.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها ولذلك أقصر الحديث هنا علي النقطة السادسة من القائمة السابقة والتي جاءت في الآيتين(24),(25) من سورة الأحقاف.
من الدلالات العلمية والتاريخية للآيتين الكريمتين:
يقول ربنا تبارك وتعالي ـ في سورة الأحقاف:
واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم* قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين* قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون* فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم* تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يري إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين( الأحقاف:21 ـ25).
ولم يعرف معظم المؤرخين وعلماء الآثار شيئا عن قوم عاد إلا ما أورد القرآن الكريم عنهم, حتي كانت سنة1984 م حين تم تزويد إحدي مركبات الفضاء بجهاز رادار له قدرة علي اختراق التربة الجافة إلي عمق عشرات الأمتار فكشف عن العديد من البحيرات والمجاري المائية الجافة المدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربا إلي أواسط آسيا شرقا, وبتحليل الصور المأخوذة بواسطة تلك المركبة لجنوب الجزيرة العربية اتضح وجود أعداد من تلك الأودية والأنهار والبحيرات الجافة المطمورة بواسطة رمال الربع الخالي, كما اتضحت آثار طرق برية قديمة تؤدي إلي عديد من الأبنية المدفونة التي تمت نسبتها إلي آثار قوم عاد ولعاصمة ملكهم إرم. وقد اهتم معهد الدفع النفاث بولاية كاليفورنيا وهو جزء من معهد كاليفورنيا للتقنية بإعداد تقرير مطول عن نتائج دراسة تلك الصور, ويدعو التقرير في ختامه كلا من الحكومات العربية ورجال الأعمال العرب إلي دعم عملية الكشف عن تلك الآثار التي لا يعرف الأثريون والمؤرخون شيئا عنها,
علي الرغم من أن اثنين من قدامي المؤرخين قد أوردا في مدوناتهما أن كلا منهما قد زار أرض قوم عاد منفردا في أواخر عهدها, وكانت المنطقة لاتزال عامرة بحضارة مادية زاهرة, الأنهار فيها متدفقة بالمياه, والبحيرات عامرة بالحياة, واليابسة مكسوة بالخضرة, و قوم عاد مستكبرون في الأرض, ويشكلون الحضارة السائدة في زمانهم قبل أن يهلكهم الله ـ تعالي ـ بكفرهم وشركهم. وكان أحد الزائرين هو بليني الكبير وهو من مؤرخي الحضارة الرومانية( عاش في الفترة من23 م إلي79 م تقريبا), وكان الآخر هو بطليموس الإسكندري الذي كان أمينا لمكتبة الإسكندرية( وعاش في الفترة من100 م إلي170 م تقريبا). وقد قام بطليموس هذا برسم خارطة للمنطقة بأنهارها المتدفقة, وطرقها المتشعبة والتي تلتقي حول منطقة واسعة سماها باسم سوق عمان. وقد وصف بليني الكبير حضارة عاد بقوله: إنها لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخري علي وجه الأرض, وذلك في ثرائها, ووفرة خيراتها, وقوتها المادية, حيث كانت علي مفترق طرق التجارة بين كل من الصين والهند شرقا, وبلاد الشام وأوروبا غربا.
وكانت قبيلة عاد تصدر كلا من البخور والعطور والأخشاب والفواكه المجففة والذهب, والحرير, وغيرها إلي كل الدول من حولها.
وقد علق كثير من المتأخرين علي كتابات كل من هذين المؤرخين واصفين إياهما بالأساطير والخرافات, لأنهم لم يستطيعوا تصور أن منطقة الربع الخالي كانت مليئة بالماء والحياة والعمران وهي من أكثر مناطق الأرض قحولة وجفافا اليوم ـ إن لم تكن أكثرها علي الإطلاق!!.
ولكن في يناير سنة1991 م بدأت عمليات الكشف عن الآثار في المنطقة التي حددتها الصور الفضائية, واستمر العمل بها حتي سنة1998 م ثم توقف بسبب حرب الخليج, وتم استئنافه بعدها إلي اليوم, وخلال هذه الفترة تم الإعلان عن اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها قائمة علي أعمدة ضخمة يصل ارتفاع الواحد منها إلي تسعة أمتار, ويصل قطره إلي ثلاثة أمتار ونسبت القلعة إلي مدينة إرم التي وصفها القرآن الكريم بقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد.( الفجر:6 ـ.
وتوالي بعد ذلك نشر العديد من الكتب والمقالات والمواقع علي شبكة المعلومات الدولية عن هذا الكشف الأثري الفريد الذي يؤكد الحقيقة التاريخية عن قوم عاد, وأنهم كانوا في نعمة من الله عظيمة ولكنهم بطروها ولم يشكروها فعاقبهم الله ـ تعالي ـ بـ( ريح فيها عذاب أليم) والدراسات علي آثارهم تؤكد أنها طمرت بعاصفة رملية غير عادية.
وسبق القرآن الكريم بالإشارة إلي قوم عاد, وتحديد اسم نبي الله ـ تعالي ـ إليهم وهو هود ـ عليه السلام ـ, ووصف موقفهم من دعوته, ووصف عقاب الله ـ تعالي ـ لهم بالتدمير الكامل بـ ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها.. بعد كل ما كانوا فيه من نعيم العيش ورغده, ومع عدم وجود أي ذكر لهذه الأمة أو لنبيها في كتب الأقدمين فيه الرد الدافع ببطلان دعوي المدعين بأخذ القرآن الكريم قصصه عن تلك الكتب, كما أن فيه الشهادة التاريخية والعلمية بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق, الموحي به إلي خاتم أنبيائه, ورسله, والمحفوظ في نفس لغة وحيه اللغة العربية علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد, والذي سوف يبقي محفوظا بحفظ الله ـ تعالي ـ إلي ما شاء الله, تحقيقا للوعد الإلهي المطلق الذي قطعه ربنا ـ تبارك وتعالي ـ علي ذاته العلية فقال ـ عز من قائل:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون( الحجر:9). فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين |
مقال من جريدة الاهرام | |
|