سابعًا:
الذي تبين لنا أنّ ذلك النائب الكاذب أراد تحقيق أهداف من خلال فيلمه ذاك، ومنها:
1- كسب شخصي، للشهرة، والفوز بالانتخابات.
2- إرضاء اليهود، وقد وضح ذلك في فيلمه في عدة مقاطع يُظهر فيه الشفقة عليهم! وهم محتلون مجرمون، وفي الوقت الذي تكلَّم فيه عن القتل عند المسلمين: نسي أو تناسى أمرين:
الأول: أنّ الذي حرق الملايين من اليهود: نصراني! وهو هتلر! وقد ذكر في كتابه (كفاحي) أنّ هذا كان بأمر الله!
والثاني: أنّ اليهود قتلوا وشردوا من المسلمين أعدادًا كبيرة، ولم يخجلوا من أنفسهم في معركتهم الأخيرة على "غزة" أن يسموا فعلهم "محرقة"!
3- تنبيه الغرب على ارتفاع نسبة المسلمين في بلادهم، وأنّ كثرة أعداد المسلمين تشكل خطرًا على أوربا!
4- تنبيه أوربا عموما، وهولندا على وجه الخصوص من انتشار المساجد فيها، وقد بان ذلك من خلال نشره لصور مساجد في هولندا؛ ليحذر من وجودها.
5- محاولة منع المصحف من التداول في أوربا، ومقارنة القرآن الكريم بكتاب هتلر (كفاحي)! ومن هنا فقد وصف القرآن بـ "الفاشي"! وهو مصطلح يشير إلى العنف والقسوة.
وقد خذل الله هذا النائب المخرج بذلك العمل الهزيل، المليء بالكذب، والافتراء، وسيرى النّاس الفرق بين الكذب والحقيقة عندما يطلعون على القرآن الكريم، وعلى ما كتب في الإسلام وعنه من عقلاء أقوامهم، وسيكون هذا الفيلم دافعًا لهم لتلك القراءة، وذلك الاطلاع، إن شاء الله، ولعله يكون سببًا لإنقاذ كثيرين من الضلالة.
ثامنًا:
وصفُ الإسلام بالإرهاب والعنف هو الرسالة الأصلية لهذا الفيلم، وهذا ليس إلاّ إفكًا مفترىً، فالإسلام دين الرحمة، والعدل، والإنسانية، وهو الذي أنقذ أهل الأديان من جور حكامهم، ومخالفيهم، كما كان الحال في "الأندلس"، وفي "مصر" وغيرهما من البلدان التي كان يسام فيها أهل المخالفة سوء العذاب، حتى اليهود منهم!
قال إسرائيل ولفنسون: "إنّ الخسارة القليلة التي لحقت بيهود بلاد الحجاز ضئيلة بالقياس إلى الفائدة التي اكتسبها اليهود من ظهور الإسلام، لقد أنقذ الفاتحون المسلمون آلافاً من اليهود كانوا منتشرين في أقاليم الدولة الرومية ، وكانوا يقاسون ألواناً من العذاب".
(اليهود والتحالف مع الأقوياء) الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائي، بواسطة مقال الأستاذ خالد جودة (الفارق الإنساني بين حضارة الإسلام وثقافة الغرب).
وليس الإسلام دين ذل وهوان، فالجهاد في سبيل الله من شعائره، ومن أعظم الأعمال فيه، وهو مشروع لحماية المسلمين من عدوهم، ولتبليغ دين الله تعالى، ونشر كلمة التوحيد في آفاق الأرض، وليس في الإسلام أنّه يُكره النّاس على دخوله؛ لأنّ من شرط الإسلام الصدق والإخلاص، فإذا لم يتصف بهما فسيكون منافقًا بين صفوف المسلمين، ولا يحرص الإسلام على وجود هذا الصنف الدنيء بين أفراده، بينما نجد القساوسة والرهبان قد ساهموا في إجبار النّاس على اعتناق النصرانية في أوروبا وغيرها، حتى بلغ القتلى من أجل ذلك الهدف أعدادًا مهولة، قال المؤرخ بريفولت: "إنّها من 7 – 15 مليونًا"!
ومن الظلم البيِّن الالتفات إلى أخطاء بعض المسلمين مما ينكره علماؤه وأئمته من قتل الأبرياء، ونسبة ذلك للإسلام ـ كما جاء في بعض مقاطع في الفيلم نحو تفجير قطارات لندن ومدريد وأمثال ذلك، فهذا كله أنكره أهل العلم مع أنّه لم يكن ابتداء من أحد، وإنّما كان ردة فعل من الظلم والقهر ـ وفي الوقت ذاته يغفل هؤلاء عن قتلى الحرب العالمية الأولى والثانية والتي مات فيهما عشرات الملايين ـ قتلى الحرب الأولى: 14 مليونًا! وقتلى الثانية: 55 مليونًا! ـ ولم تكن بين المسلمين والنصارى، بل كانت بينهم أنفسهم، وعن قتلى اليابان من القنبلة الذرية الأميركية، وقتلى الهنود الحمر من الأمريكان، وقتلى الشعوب الآسيوية من الأمريكان أيضًا، وقتلى المستعمرين المحتلين.
ويغفلون عن الدمار والإرهاب الذي جاءت به الحملات الصليبية على بلاد المسلمين، ويغفلون عما تفعله أمريكا وحلفاؤها اليوم في أفغانستان، والعراق، وما فعله الصرب بمباركة القساوسة في المسلمين في "البوسنة"، وغير ذلك الكثير والكثير، وإن نسي التاريخ أشياء: فإنّه لا ينسى "محاكم التفتيش"، وخاصة تلك التي كانت في "إسبانيا".
قال غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب): "وعاهد فرديناند العربَ على منحهم حرية التدين، واللغة، ولكنه في سنة 1499م لم تكد تحل حتى حلَّ بالعرب دور الاضطهاد، والتعذيب الذي دام قرونًا! والذي لم ينته إلاّ بطرد العرب من أسبانية، وكان تعميد العرب كرهًا فاتحة ذلك الدور، ثم صارت محاكم التفتيش تأمر بإحراق كثير من المعمَّدين على أنّهم من النصارى، ولم تتم عملية التطهر بالنار إلا بالتدريج، لتعذر إحراق الملايين من العرب دفعة واحدة!
ونصح كردينال طليطلة التقي! الذي كان رئيسًا لمحاكم التفتيش بقطع رؤوس جميع من لم يتنصر من العرب، رجالًا، ونساءً، وشيوخًا، وولدانًا، ولم ير الراهب الدومينيكي بليدا الكفاية في ذلك، فأشار بضرب رقاب من تنصر من العرب، ومَن بقي على دينه منهم، وحجته في ذلك: أن من المستحيل معرفة صدق إيمان من تنصر من العرب، فمن المستحب إذن قتل جميع العرب بحد السيف؛ لكي يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى، ويُدخِل النار من لم يكن صادق النصرانية منهم! ....
ولا يسعنا سوى الاعتراف بأننا لم نجد بين وحوش الفاتحين من يؤاخذ على اقترافه مظالم قتل كتلك التي اقترفت ضد المسلمين". [حضارة العرب ( ص 270 – 272 ) باختصار ].
ومن يتأمل الآن يجد أنّ أهل الإرهاب هم أهل الأديان الأخرى من النصارى، واليهود، والهندوس، والسيخ، ويجد أن المسلمين هم ضحايا هذا الإرهاب، فمتى يستيقظ النيام من نومهم ؟! ومتى يصحو الغافلون من غفلتهم؟!
ونقول لهذا النائب الكاذب الذي يدعونا لتمزيق آيات إرهابية من القرآن الكريم ـ على حد زعمه ـ: تعال لنر كتابك المقدَّس ماذا فيه من الإرهاب:
إن كنت يهوديًّا تؤمن بالعهد القديم فهاك ما فيه مما ينسب إلى الرب تعالى مما قاله لموسى:
في [سفر التثنية (20 ، 10 – 17)]: " إذا دَنوتَ منَ القرية لتقاتِلهم ادعُهم أوّلًا إلى الصّلح... فأمّا القرى التي تعطَى أنت إيّاها فلا تستحيِ منها نفسًا ألبتّة، ولكن أهلِكهم إهلاكًا كلَّهم بحدِّ السيف الحَيثِيّ والأموري والكنعاني والفرزي، كما أوصاك الربّ إلَهُك".
وإن كنت نصرانيًّا وأردت شيئًا من العهد الجديد فهاك بعض ما فيه:
في [متَّى (10 / 34 – 36)]: يروى فيه عن عيسى عليه السلام قال: " لا تظنّوا أني جِئت لأحمِلَ السلام إلى العالم، ما جِئتُ لأحمل سلامًا بل سَيفًا، جئتُ لأفرّق بين الابن وأبيه، والبنتِ وأمّها، والكَنَّة وحماتها، ويكون أعداء الإنسان أهل بيته".
وللاستزادة : ينظر كتاب (السيف بين القرآن والكتاب المقدس) للدكتور حبيب عبد الملك:
http://www.elforkan.com/7ewar/showthread.php?t=7597تاسعًا:
الواجب على المسلمين الآن:
1- عدم إحداث مشكلات في بلادهم، من مظاهرات تُحطم فيها الممتلكات، أو تراق فيها الدماء.
2- إرجاع الأمر إلى العلماء والحكماء لمعالجة الأمر، هذا أو غيره مما يشبهه.
3- السعي نحو التمسك بالإسلام قولًا وعملًا، فهذا من جهة يساهم في انتشار الإسلام، ومن جهة أخرى يغيظ الكفار الحاقدين على الإسلام وأهله.
4- الدعوة إلى الله بحكمة وعلم، وتوزيع المصاحف المترجمة، والكتب الإسلامية الميسرة على غير المسلمين، والاستعانة في ذلك بالمؤسسات الإسلامية الموثوقة، والعلماء الثقات.
والله الهادي.
منقول من موقع طريق الاسلام