حول الاستنساخ.

انك ما ان تذكر كلمة (الاستنساخ) فان الخطأ الكبير الذى يقع فيه معظم الناس هو انهم يعتقدون انك تمتلك الة ناسخة تضع فيها الانسان ليخرج لك منه نسخة من الجانب الاخر , وهى عبارة عن وعاء زجاجى كبير مملوء بالسائل الامينوسى , ويعتقدون ايضا ان النسخة الجديدة سوف تمتلك كل صفات وسمات صاحبها الاصلى ...ولكن الامر ليس بهذا التعقيد , فهو ابسط من كل هذا بكثير ...فدعونا نلق نظرة حول (الاستنساخ).

فقد ظهرت فى سبعينات القرن العشرين مشاريع (اطفال الانابيب) , واعتبر العلماء هذه المشاريع انجازا كبيرا فهى تساعد من لديهم عدم استقرار فى الحمل , او تشوهات خلقية والتى تمنع حدوث الحمل الطبيعى , .........فهى مجرد عملية تخصيب خارج الرحم باستخدام حيوان منوى وبويضة من الاب والام لبضعة اسابيع ..ثم يتم حقن البويضة مرة اخرى داخل الرحم , ليقضى الجنين اشهر حمله طبيعيا .

ولكن الامر لا يختلف كثيرا فى فكرة (الاستنساخ) فهنا لا نحتاج الى الحيوان المنوى , وانما خلية حية من جسم الانسان ...اى خلية حية باستثناء خلاياه الدمويه ....اى خلية تحتوى على حمض ال ( دى . ان . اى ) ---( هو حمض ( الداى اوكسى رايبو نيو كليك) , (DEOXY RIBOH CLIC ACID) ) بروتين شديد التعقيد يوجد فى نواة الخلية , وهو الذى يحمل الصفات الوراثية من جيل الى جيل , ومن خلية الى خلية اخرى , ولا يمكن ان تنشأ الحياة او تستقر ( علميا) بدون وجود هذا الحامض , فهو المادة الكيماوية الاولى التى تتكون منها الاحياء , وهو موجود فى كل خلية باستثناء كرات الدم الحمراء عديمة الانوية) --- ثم نقوم بعد ذلك بتدمير نواة البويضة بالاشعة فوق البنفسجية , ونقوم بعدها بحقن المادة الاساسية داخل البويضة والتى تحتوى على الصبغيات كاملة ....ثلاثة وعشرون زوجا من الكروموسومات تنتمى كلها الى الخلية الاولى --- ( الكروموسوم : هو جسيم خيطى الشكل , يوجد داخل النواة فى جميع خلايا النبات والحيوان , وعادة ما يكون فى ازواج ويكون واضحا فى حالة انقسام الخلية انقسام فتيلى , وتحتوى الكروموسومات على الجينات التى تحدد الصفات الوراثية لكل كائن حى , وفى الانسان يوجد 23 زوجا من الكروموسومات )--- , ونحقن البويضة داخل الرحم ليقضى الجنين اشهر الحمل طبيعيا ...ليخرج الى الحياة جنينا ينتمى بالكامل الى الطرف الاول وليس به صفة واحدة سائدة او متنحية من الطرف الاخر.

وهو بالفعل سوف يطابق صاحب الخلية فى كل صفاته .....ولكن العلم يقول ان الانسان ليس نتاج الوراثة فقط بل هناك عاملان اخران غاية فى الاهمية وهما : البيئة المحيطة , وتفاعله معها .

فالنسخة الجديدة سوف تطابق صاحبها بالفعل ولكنها ستخرج الى الحياة بعد فترة من الزمن , وبالتالى سيكون هناك تغيرا فى البيئة المحيطة مما يترتب عليه بعض التغيرات وان كانت طفيفة فى هيئة النسخة الجديدة .

ثم ياتى بعد ذلك دور العامل الثالث وهو التفاعل مع البيئة , ولكننا لا نضمن ان تسير النسخة الجديدة على نفس النهج الذى كان يسير عليه صاحبها , وهذا ايضا سوف يترتب عليه اختلاف فى الثقافات بينهما , وحتى اختلاف فى تقيم الامور , وايضا وجهات النظر.

فمثلا قد يكون الاصل قضى حياته فى زمن كلاسيكى لم تعرفه التكنولوجيا وقضى شطرا كبيرا من حياته باستخدام قواه العضلية , وكانت المعارف محدودة فى ذلك الوقت ...بينما تاتى النسخة لتعيش فى زمن به من التكنولوجيا ووسائل الترفيه الكثير والمتوفر , وبلا شك سيكون هناك اختلاف فى نظام الحياة بين الزمنين ...وهو ما سيجعل هناك فروق بين النسخة والاصل .

اذا فليس شرطا ان تطابق النسخة اصلها مائة بالمائة , بل ان حوث هذا مستحيل اصلا ...فما هو جديد عليه ان ياتى بالجديد .

ولكن النظرة العلمية تقول ان ( الاستنساخ) يعد اضافة كبيرة فى عالم الاحياء , فلا يمكنك ان تتصور كمية الفوائد التى نحصل عليها من ( الاستنساخ) فمثلا يمكننا اضافة صفات اخرى الى النبات ليخرج الينا احجاما كبيرة جدا من النباتات والحيوانات ايضا تساهم فى القضاء على مشكلة الامن الغذائى .

وايضا محاولة استنباط واكتشاف سلالات جديدة من النباتات والحيوانات قد يكون لها الاثر الكبير فى تغير مجرى حياة الانسان.

وايضا وهو الاهم مساعدة من لا يمكنهم الانجاب مطلقا , بل والذى تشير الفحوصات الى انه لا يمتلك حيوانات منوية على الانجاب.

وغيرها الكثير..........ولكن هذه هى النظرة العلمية المجردة.

ولكن يجب ان يكون هناك نظرة دينية نقيم بها الامور, ودون التعمق كثيرا فالنظرة الدينية ترفض (الاستنساخ) من جذوره فهذا يعتبر عبثا بمخلوقات الله وليس على الانسان فعل هذا , فالنباتات والحيوانات لديها الحق فى ان تعيش مسالمة بهويتها التى خلقها الله عليها , وليس من حقنا ان نحاول تغير هذه الهوية او نحاول العبث بها , ... ومهما فعلنا لن تكون النسخة مطابقة لاصلها باكثر من سبعون بالمائة على اقصى تقدير , فالجديد عليه ان ياتى بالجديد ....فاين المتعة فى ان يتشابه الطرفان ؟ ! .....واخيرا اترك لكم التقدير..

مصطفى.