خذها فاذبحها وادفنها مع ابنها فلم يزل بها حتى ذبحها والقاها في الحفرة مع ابنها واطبق عليها صخرة عظيمة وسوى عليها التراب وصعد في صومعته يتعبد فيها فمكث في ذلك ما شاء الله ان يمكث حتى قفل اخوتها من الغزو فجاءوه فسألوه عنها فنعاها لهم وترحم عليها وبكى لهم وقال كانت خير امة وهذا قبرها فانظروا اليه فأتى اخوتها القبر فبكوا وترحموا عليها واقاموا على قبرها اياما ثم انصرفوا الى اهليهم فلما جن الليل عليهم واخذوا مضاجعهم اتاهم الشيطان في صورة رجل مسافر فبدأ بأكبرهم فسأله عن اختهم فأخبره بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف اراهم موضع قبرها فكذبه الشيطان وقال لم يصدقكم امر اختكم إنه قد احبل اختكم وولدت منه غلاما فذبحه وذبحها معه فزعا منكم والقاها في حفرة احتفرها خلف الباب الذي كانت فيه عن يمين من دخله فانطلقوا فادخلوا البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فإنكم ستجدونها هنالك جميعا كما اخبرتكم قال : وأتى الاوسط في منامه وقال له مثل ذلك ثم اتى اصغرهم فقال له مثل ذلك فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لما رأى كل واحد منهم ، فاقبل بعضهم على بعض ، يقول كل واحد منهم : لقد رأيت البارحة عجبا، فأخبربعضهم بعضا بما رأى، قال أكبرهم : هذا حلم ليس بشيء ، فامضوا بنا ودعوا هذا . قال أصغرهم : لا أمضي حتى اتى ذلك المكان فأنظر فيه . قال فانطلقوا جميعا حتى دخلوا البيت الذي كانت أختهم فيه ففتحوا الباب وبحثوا الموضع الذي وصف لهم في منامهم فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحفيرة كما قيل لهم فسألوا العابد فأقر على نفسه فأمر بقتله . قال ابن عباس : فلما صلب قال الشيطان له: أتعرفني ؟ قال . لا والله ! قال أنا صاحبك الذي علمتك الدعوات أما اتقيت الله ، أما استحيت منه وأنت أعبد بني إسرائيل ! ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك ، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك فقال كيف أصنع ؟ قال : تطيعني في خصلة واحد وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم قال : وما ذاك ؟ قال تسجد لي سجدة واحدة! فقال أنا أفعل فسجد له من دون الله ، فقال الشيطان : هذا ما أردت منك كان عاقبتك أن كفرت بربك ، إني برىء منك إني أخاف الله رب العالمين ففيه نزلت الآية ( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين . ) إلى قوله . (جزاء الظالمين ) ، . ومن أعظم العبر في قصة هذا العابد أن الشيطان قد يأتي الإنسان من باب النصيحة والأمر بالخيروالبر، بجعل ذلك وسيلة إلى طاعته ومخالفة أمر الله الذي يوجب الخسران له في الدنيا والاخرة كما وقع للعابد نعوذ بالله من سؤ الخاتمة . ،ومن عبر الحـديث أيضا بيان خطر النساء على الرجال فقد جاء في الحديث الصحيح : ( ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء) . وفيه أيضا ( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) . فالنساء أخطر شيء على الرجال ولا سيما العابد المستقيم ، فإن الشيطان يجند له جنودا لا قبل له بها، حتى يقع في الفتنة، اللهم إلا إذا أيده الله وحفظه منه ومن حبائله ، ولا يكون ذلك إلا بالإخلاص ، والصدق مع الله في الأمور كلها .